نسـبـى و نـطـرد يــا أبــي و نـبـاد ** فـإلــى مـتــى يـتـطـاول الأوغــــاد
وإلـى متـى تدمـي الجـراح قلوبـنـا ** وإلـــى مــتــى تـتـقــرح الأكــبــاد
نصحوا على عزف الرصاص كأننا** زرع وغـــارات الــعــدو حــصــاد
ونبـيـت يجلـدنـا الشـتـاء بسـوطـه** جـلـدا فـمـا يغـشـي العـيـون رقــاد
يتسـامـر الأعــداء فـــي أوطـانـنـا** ونصـيـبـنـا الـتـشـريـد والإبــعـــاد
وتـفـرخ الأمــراض فــي أجسـادنـا **أواه مــمـــا تـحــمــل الأجـــســـاد
كـم مـن مريـض مـل منـه فـراشـه** مــــــــا زاره آسٍ ولا عـــــــــوّاد
نشـرى كأنـا فــي المحـافـل سلـعـة ** ونـبــاع كــــي يـتـمـتـع الأســيــاد
في نهر (جيحون) الحزين مراكـب **غـرقـت ودنــس صـفـوه الإلـحــاد
وعلـى ضفـاف النهـر جثـة زورق ** يـبـكـي عـلــى أشـلائـهـا الـصـيـاد
وأمــامــه دار عــلــى جـدرانــهــا ** صـــور يـجــدد رسـمـهـا ويــعــاد
صــــور تـلـونـهـا دمــــاء أحــبــة ** غرسوا أصول المكرمـات وشـادوا
رحـلـوا وللـقـرآن فـــي أعمـاقـهـم** ألــق أضــاء نفـوسـهـم فـانـقـادوا
أنـى اتجهنـا يـا أبــي ظـهـرت لـنـا ** إحـــن يـحــرك جـمـرهـا الـحـسـاد
أو مـا تـرى مـن فــوق كــل ثنـيـة ** صـنـمـا يـزيــد غـــروره الـعـبــاد
نصحوا على أصـوات ألـف مبشـر** عـزفـوا لـنــا أوهـامـهـم فـأجــادوا
جاءوا وسيف الجـوع يخلـع غمـده** فـشـدوا بألـحـان الـغـذاء وجـــادوا
أمـــا دعـــاة المسلـمـيـن فهـمـهـم** أن تــكــثـــر الأمـــــــوال والأولاد
هم في الخوالف حيـن ينطـق مدفـع** وإذا تــــحــــدث درهـــــــــم رواد
أرأيـت أظلـم يـا أبـي مـن صـاحـب ** تـخـتـال فـــي أعـمـاقــه الأحــقــاد
يسـعـى ليـبـنـي بـالـخـداع حـيـاتـه ** أرأيـت صرحـا فـي الـهـواء يـشـاد
أيـن الأحبـة يــا أبــي أو مــا دروا** أنَّــا إلــى ســـاح الـفـنـاء نـقــاد ؟
أو مـا دروا كـم دميـة فـي أرضـنـا** تعلـو وكــم يــزري بـنـا استعـبـاد؟
أو مــا لـنـا فــي المسلمـيـن أحـبـة** فيهـم مـن العـوز الممـيـت ســداد؟
مـا بـال إخواننـا استكانـوا يـا أبـي **لا شـامـنـا انتـفـضـت ولا بـغــداد؟
قـالـوا الحـيـاد وتـلـك أكـبـر كـذبـة **فـحـيـادهــم ألا يـــكـــون حـــيـــاد
هــذي بساتـيـن الـجـنـان تـزيـنـت** للخاطـبـيـن فـأيــن مـــن يــرتــاد؟
يــا ويحـنـا مــاذا أصــاب رجـالـنـا **أو مـالــنــا ســعـــد ولا مــقـــداد؟
نـامــت لـيـالـي الغافـلـيـن وليـلـنـا ** أرق يــذيــب قـلـوبـنــا وســهـــاد
سلـت سيـوف المعتديـن وعربـدت ** وسيوفـنـا ضـاقـت بـهــا الأغـمــاد
هـذا هـو الأقـصـى يـلـوك جـراحـه ** والمـسـلـمـون جـمـوعـهـم آحــــاد
دمــع اليتـامـى فـيـه شـاهــد ذلـــة **وســـواد أعيـنـهـن فــيــه حــــداد
أواه يـــا أبـتــي عـلــى أمـجـادنــا** يـخـتـال فـــوق رفـاتـهــا الــجــلاد
خمسـون عامـا أتخـمـت سنواتـهـا **ذلا فـــكـــل زمــانــهــا إخـــــــلاد
هـا نحـن يـا أبتـي يسـيـر وراءنــا لـيـل لــه فـــوق الـســواد ســـواد
هـا نحـن يـا أبتـي نبـيـت هـنـا ولا ** طــنـــب لـخـيـمـتـنـا ولا أوتــــــاد
أهـو القنـوط يهـد ركــن عزيمـتـي** وبـــه ظــــلام مـخـاوفــي يــــزداد
أهـو القـنـوط فـأيـن إيمـانـي بـمـن ** خـلـق الـوجـود ومـــا لـــه أنـــداد
يــا أمــة مـــا زال يـكـتـب نـثـرهـا **طـــه ويـــروي شـعـرهــا حــمــاد
ويـرتــب الـحــلاج دفـتــر فـكـرهـا ** ويـقـيـم مــأتــم عـرسـهــا حــــداد
ترعـى حمـاهـا كــل سائـبـة وفــي** تـمـزيـقـهـا تـتـجـمــع الأضـــــداد
تصغـي لأغنـيـة الـهـوى فنهـارهـا** نـــوم ثـقـيــل والـمـســاء ســفــاد
أجـدادنــا كـتـبـوا مــآثــر عــزهــا ** فـمـحـا مــآثــر عــزهــا الأحــفــاد
يـا ليـل أمتنـا الطويـل مـتـى نــرى** فـجــرا تــغــرد فــوقــه الأمــجــاد
ومـتــى نـــرى بـوابــة مـفـتـوحـة** لـلـحـق تـقـصـر عـنـدهـا الآمــــاد
أنـا يـا أبــي طـفـل و لـكـن همـتـي** فـجـر بــه يحـلـو لـــي استـشـهـاد
لا تـخـش يــا أبـتـي عـلـي فربـمـا **قامـت علـى عــزم الصغـيـر بــلاد
ولـربـمـا مـــات الـقــوي بسـيـفـه** وقضـى عـلـى مــال الغـنـي كـسـاد
فـي سيـف عنتـرة الفـوارس قــوة ** مــا كــان يـعـرف سـرهــا شـــداد
قل لـي بربـك يـا أبـي هـل ننـزوي** خــوفــا فـلـيــس لـلــعــدو قــيـــاد
دعـنـا نسـافـر فــي دروب آبـائـنـا** ولـنـا مـــن الـهـمـم العظـيـمـة زاد
ميعادنـا النصرالمبـيـن فــإن يـكـن** مــــــوت فــعــنــد إلهـنـاالـمـيـعـاد
دعـنـا نـمـت حـتـى نـنـال شـهـادة ** فالمـوت فــي درب الـهـدى مـيـلاد